02‏/03‏/2010

لماذا يجب أن نؤيد د. محمد البرادعي





نزل الرجل إلى مصر ، و صاحب نزوله زخما في الحياة السياسية لم تعرف مصر له مثيلا من قبل ، و اختلفت الآراء حوله ما بين مؤيد و معارض ، متشكك و متردد.. من يقول أنه يحمل أجندة أمريكية ، و من يراهن على وطنيته و إخلاصه ...


وفي سياق هذا الحراك غير المسبوق في الحياة السياسية المصرية ، فإن الكثير من المنادين بالتغيير و الحرية انضموا إلى حملة ترشيح د. محمد البرادعي رئيسا للجمهورية، ووصل عدد مؤيدي الدكتور البرادعي إلى 130 ألفا على الفيسبوك ، مما يشجع على القول بأن هناك بصيص من أمل في التغيير ، و في خضم هذا التأييد الذي لم يحصل عليه معارض من قبل ، على الأقل في العقدين الأخيرين ... فإن هناك الكثير من شرفاء هذه البلد يقفون ما بين التردد و المعارضة ، و هدفي من هذا المقال هو حث المترددين على حسم أمرهم إلى جانب الدكتور البرادعي ، و محاججة المتشككين و المعترضين.


رأيي الشخصي أن كل شريف ووطني في مصر يجب أن ينضم في هذه اللحظة إلى حملة ترشيح الدكتور البرادعي ، و ذلك للأساب التالية:


1. وضوح الخطاب السياسي و نضج الرؤية الإصلاحية عند د. البرادعي.. فمطالب الرجل ليست جديدة ، و لا مخترعة ، و لكن صياغتها في شكل نقاط محددة و مطالب واضحة هو الذي أدى إلى الحراك الموجود حاليا ، و النقاط التوافقية الموجودة بالخطاب السياسي للبرادعي تسع جميع المعارضين على اختلاف توجهاتهم.
إن خطاب البرادعي خطاب يتفق عليه كل شريف في هذا البلد ، وهو يركز على المطلب الأساسي الذي سيؤدي لإصلاح كل المشاكل الموجودة في بلدنا ، و هو الحرية ، و أن يرحل هذا النظام الكريه المستبد عن البلد و يتركها في حالها.



2. مكانة الرجل الدولية و مصداقيته المحلية: فالدكتور البرادعي منافس من العيار الثقيل ، ليس مغمورا و لا غير معروف مثل رؤساء الأحزاب التي عفا عليها الزمن ، و الرجل قامة وطنية و عالمية معروفة ، و حائز على جائزة نوبل ، الرجل له مصداقية كبيرة ، و عندما يتكلم يسمعه العالم ، و عندما يصف نظام الحكم الحالي بالفساد و حال مصر بالمتردي فكلامه يسمع ألف مرة أكثر من كلام المعارضين الموجودين حاليا و المكرر منذ عشرات السنين. البرادعي هو الفرصة المثالية لإزالة آخر مساحيق التجميل عن وجه النظام القبيح أمام العالم ، و لوضعه إعلاميا في صورة النظام المستبد المتردي .

الأمر الآخر أن مكانة الرجل العالمية و علاقاته الدولية تجعله في قامة أكبر من أجهزة النظام نفسه و تعطيه نوعا من الحصانة حتى لا يضيف النظام فضيحة إلى سجل فضائحه. فلا يستطيع النظام مثلا أن يقمع الدكتور البرادعي و يحتجزه في التخشيبة أو يعتقه مثل رموز الإخوان أو يلفق له مثلا قضية تزوير أو بانجو مثلا! ، حينها ستكون فضيحة النظام بجلاجل و اللي ما يشتري يتفرج.


3. شجاعة الرجل ووطنيته فالرجل و هو في السابعة و الستين من العمر ، و قد بلغ أعلى المناصب ، و لا يحتاج المزيد من الشهرة و لا المال ، و لو سار في ركب النظام الحالي بعد انتهاء عمله الدولي لكسب أضعاف ذلك ، و لكنه آثر أن يحترم نفسه ومبادئه ، و جهر بكل ما يمكن أن يعتمل في صدر مصري حر عن حال هذا البلد ، و لم يرتح الرجل ، و قد حقق فعليا كل ما يمكن أن يطمح الإنسان في تحقيقه من المجد و الشهرة ، و لكنه كان طامحا لما هو أكثر من ذلك ، و هو المشاركة في كتابة تاريخ جديد لمصر. و دائما كان أساتذتنا يقولوا لنا إن الإخلاص بضاعة رائجة ـ تشتمها الناس و تلتف من حولها. و التفاف الشباب حول الدكتور البرادعي بهذا القدر من أدلة إخلاصه فيما يقول. وأنا أؤيده على ظاهر كلامه ، و السرائر يعلمها الله ، ولو نكث سأكون أول من يعارضه ، و لكن لهجة التشكيك و التخوين و محاولة قتل كل شيء جميل في هذا البلد للأسف من الأمراض التي ابتلينا بها.


4. قلق و ارتباك و تخبط النظام المصري ، منذ أعلن البرادعي عن رؤيته الإصلاحية ، و هو ما يكشف عن استشعار الخطر الحقيقي من هذا الرمز الذي جاء على حين غرة ، إن النظام المصري في أضعف حالاته ، و يتشبث بأي شيء لاستعادة رصيده المفقود في الشارع المصري ، فإذا بالدكتور البرادعي يوجه إليه طعنة قاضية و يكشفه أمام العالم. باختصار ، البرادعي هو الشخص المناسب في المكان المناسب و الوقت المناسب.



5. توجهات الرجل الليبرالية الواضحة و ايمانه بالحرية و الديمقراطية وسيلة وحيدة – فحتى لو كانت أفكار الرجل الليبرالية أحيانا تتعارض مع مبادئي – مثل فصل الدين عن الحكم تماما – و لكنه يؤمن بالتعددية و تداول السلطة و الاحتكام للناس ، و في حالة هذا الخيار ... فإن الحرية ستقود إلى كل ما هو صالح لهذا البلد ، و الشعب المصري المتدين بطبيعته سوف يختار الخيار الصائب ، و قد كان النبي صلى الله عليه و سلم يقول " خلوا بيننا و بين الناس " فعندما يأتي الرجل ليحقق ذلك ، نطلب منه أن يعتنق مبادئنا كلها ، و إلا !!!! و هذا غير مطلوب و منافي لسنة التدرج ، و فقه الواقع ، و التجربة التركية خير برهان على ذلك ، إن أردت أن تلعب لعبة الديمقراطية ، يجب أن توافق على قواعد اللعبة.


6. الرجل الذي يؤمن يتداول السلطة لا يمكن أن يكون مشكلة ، حتى لو اختلفت معه في الرأي ، لأن هذا الرجل مهما اختلفت معه لن يطيح بك ، و لن يكمم حريتك ، و ستبقى صناديق الاقتراع حكما بيننا حتى لو كانت نتيجتها الإطاحة به ، في تصوري البرادعي الديمقراطي أفضل مائة مرة من حاكم إسلامي مستبد و لا يؤمن بالحرية !


لهذه الأسباب و أكثر أؤيد الدكتور محمد البرادعي و أدعو كل وطني و شريف في البلد لتأييده ، و أدعو جماعة الإخوان المسلمين بصفتها كبرى القوى المعارضة في البلد أن تحسم ترددها و أن تنزل إلى الشارع بجوار مؤيدي البرادعي دون قيد أو شرط ، لأنه هو الرجل الأنسب لهذه المرحلة ، و لأن تواجدهم بجواره بثقلهم و شعبيتهم سيكون عاملا مهما وزخما إضافيا يضاف إلى الزخم الحاصل حاليا...


إن الاجتماع حول الهدف الأول لبلدنا الحبيبة ، وهو الحرية ضرورة لكل وطني يحب بلده ، و لو كان الدكتور البرادعي هو المفتاح الأنسب لهذه الحرية فيجب أن نلتف جميعا خلفه حتى نحقق هدفنا الأساسي ، و تعود لنا بلدنا الحبيبة حرة كما نتمناها ....