08‏/09‏/2008

و لماذا نصل إلى كأس العالم ؟؟؟

مقال أكثر من رائع في جريدة المصريون للكاتب أحمد شاكر أنقله كما هو دون رتوش ، وهو امتداد لمقال البراء عن اللعنة المستديرة و لكن من وجهة نظر مختلفة أو بمعنى آخر من زاوية مختلفة
=================================

و لماذا نصل إلى كأس العالم ؟؟؟
أحمد شاكر : بتاريخ 7 - 9 - 2008
أعلم أن ما سوف أتحدث عنه اليوم يعد وجهة نظر مخالفه ، وطرح معاكس لما يتمناه الكثيرين منا ، ولكن تعالوا مره واحده نسير عكس الإتجاه ونسبح ضد التيار ، ونفترض مجرد إفتراض – وهو أمر وراد_ ألا نصل الي كأس العالم ، لنري ما الذي سيحدث ، هذا الطرح الذي جال بخاطري فجأة عندما وجدت الجميع يترقب بخوف ما سوف تسفر عنه نتيجة مباراة اليوم بين المنتخب والكونغو ، رأيت الكل يتمني ويدعو ويبتهل الي الله سبحانه وتعالي ويسأله نعمة الفوز ومن ثم ضمان الصعود الي المرحله التاليه المؤهله للوصول لكأس العالم ، كل هذه المشاعر رأيتها علي وجوه الكثيرين من حولي ، وهو ما دفعني للقول بأننا نعيش حاليا مرحلة لا صوت يعلو فوق كأس العالم ، وهي مرحله شبيهه بتلك التي كنا نعيشها في فتره الستينات من القرن الماضي عندما كان لا صوت يعلو فوق صوت المعركه ، وأفقنا بعد تلك المرحله علي واقع أشد مرارة من الحنظل كما يقول التاريخ .وبعيدا عن تلك المرحله وتداعياتها تعالوا نسأل أنفسنا هذا السؤال الذي قد يخشي البعض مجرد الإقتراب منه ، ولماذا نصل الي كأس العالم ؟ .. وحتي لا أكون شديد القسوة وحتي لا يصدم البعض بسؤالي هذا ، ولا أكون موضع تشاؤم للبعض الآخر ، سوف أسال السؤال بصورة مغايره ، لعله يكون أقل وطأة ،وأكثر الطرق إيصالا للمعني الذي أقصده ، وماذا لو وصلنا الي كأس العالم القادمه ؟؟ .. ما الذي سيحدث وما الذي سيتغير ، ما الفائده التي ستعم علي المواطن المصري الكادح المكدود الذي يفتقر للحد الأدني من الأساسيات الضروريه للحياه .بعيدا عن الإجابات التقليديه من عينة الرياده و التاريخ والجغرافيا والسبعة آلاف سنه حضارة وما الي هذا الكلام المعتاد والمتوقع والذي لا يسمن ولا يغني من جوع ، وضع تحت كلمة جوع هذه مائة بل ألف خط أو ما لا نهاية من الخطوط ..أقول بعيدا عن تلك الإجابات الممجوجه ، وببساطه شديده أؤكد أنه لن يحدث شيئ ولن يتغير من الأمر شيئ ، أو بمعني أكثر دقة ، سيحدث نفس ما حدث من قبل عندما أكرمنا الله بالفوز ببطولتي افريقيا 2006 و 2008 ، سنجد الجميع يخرج فرحا منتشيا لمدة لن تزيد علي النصف ساعه أو ربما أقل كمخدر موضعي للكثير من الآلام التي تنتشر في أجسادنا المنهكه الواهنه ، ثم يعود الحـال الي ماكــان عليه أو ( كما كنت) بلغة العسكريه ،هذا ما سوف نراه يحدث بالنسبه الي المواطن البسيط ، ولكن ، وعلي الوجه الآخر فحدث ولا حرج . سنري صورة مجسمه للإستفزاز بجميع معانيه وكافة أشكاله .. ستخرج علينا وسائل الإعلام لتصور لنا اللاعبين وكأنهم فاتحي عكا أو كأنهم عائدين لتوهم من تحرير القدس ، ستجد المكافآت تنهال بالملايين لتدخل جيوبهم وبصورة هي قمة الإستهتار بمشاعر شعب يعاني غالبيته من العوز والحاجه وضيق ذات اليد ، سنشاهد كمية من البرامج التافهه في الفضائيات الأكثر تفاهه تحدثنا عن هذا الإعجاز والإنجاز التاريخي والجغرافي بل وربما النووي الذي أوصلنا الي تلك النهائيات حتي تصاب بحالة من القيئ والغثيان الحاد ، ستشنف آذاننا تلك الآراء الساذجه والسطحيه لشلة المنتفعين والأرزقيه بقيادة فرقة حسب الله الكرويه من خبراء كرة القدم المصريه التي تنشط في مثل هذه المواسم لتحدثنا بكل إستخفاف وإستهزاء بعقولنا عن اللاعبين والجهاز الفني والمسئولين عن المنتخب الذين ضربوا أروع الأمثله في الصبر والمثابره و الفداء والتضحيه من أجل تحقيق هذا الهدف الذي تتوقف عليه حياة الأمه ، وعندما تبحث عن شكل هذه التضحيه ، تجدها تضحية من ذوات الخمس نجوم بكل ما فيها من سفريات فاخره ورحلات عامره وفسح و معسكرات درجة اولي ، من تلك النوعيه من التضحيات التي تجعل المرء منا يتحسر علي ما آل اليه حال البطولة ، واختلاف معانيها وأشكالها ، وقصرها علي تلك الأنواع الفارغه من البطولات الوهميه التي لا تصنع رجالا ولا تخلد مكانه ، ستخرج علينا مانشيتات الصحف وعناوين الفضائيات تحمل ألوانا من التشبيهات السخيفه والتافهه من نوعيه الشيخ أبوتريكه والولي عمرو ذكي ونوع الغذاء الذي يتناوله كلا منهما وشكل الحذاء الذي يرتديه والتواضع الذي يعيشه كليهما ، والذي أوصلنا الي تلك النهائيات ، وكأن هذا ما ينقصنا لكي نجعل من أنفسنا ( مسخه وأضحوكه ) للعالم أجمع سيهل علينا حسن شحاته بنظراته الصارمه مختالا كالطاووس ، ليتحدث الينا بتعالي وغرور ومن طرف أنفه وكأنه السيد ونحن العبيد ليحدثنا عن كم الأهوال والأخطار التي واجهها وخططه الجهنميه التي لم يسبقه اليها أحد ، مقابل هذا الراتب الضعيف الضئيل الذي يتعدي المائة الف جنيه بقليل مطالبا برفع هذا الراتب بصورة سريعه وفوريه ، سنري هرولة المسئولين نحو دائرة الضوء من أجل البحث عن دور لهم ، بل والحصول علي قطعه من الكعكه التي سيلتهمها كل من شارك في هذا الحدث ، سيحدث كل هذا وأكثر ، ثـــــــم ؟ .. ثم سنفيق نحن بعدها علي واقع أشد ألما وقسوة عندما يضع كلا منا يده في جيبه ليبحث عن ثمن السحور فلا يجده ، هم يحصدون الملايين ويركبون السيارات الفارهه وتتخاطفهم حفلات التكريم وتتهافت عليهم وكالات الإعلان وشركات الدعايه من أجل ضخ مزيد من الأموال الي جيوبهم ليرتادوا الساحل الشمالي ويعيشون عيشة الملوك والأمراء ، متمتعين بما حصلوا عليه من أموالنا وأموال الشعب ، في حين تكتفي الآلاف من الأسر المصريه بدور السنيد وتقنع بدور المهلل والمصفق والمشجع لما يحدث تلك الأسر التي أكبر أمانيها وأعظم أحلامها الحصول علي عشرة جنيهات لسد رمقهم فلا يجدونها ، فيما يمثل انتهاك واضح لما يسمي بالعداله الإجتماعيه التي هي أهم الف مره من الوصول الي كأس العالم ، نعم أعلم أنها أرزاق وأنها بيد الله سبحانه وتعالي ، و أعلم أن الجميع سينعتني الأن بالحقد والحسد ، وأنا علي استعداد لتقبل أية اتهامات اذا كانت صحيحه ، ولكن ألستم معي في أن الأمر بمثل هذه الصورة التي نراها تحدث فاق كل الحدود وتخطي كافة الحواجز ؟؟ تلك الحدود والحواجز هي التي دفعتني الي إعادة السؤال مرة أخري ، لماذا نصل الي كأس العـالم ؟ وماذا حتي لو وصلنا ؟ .. الإجابه أنه لا فارق بين الوصول وعدمه طالما أن الجميع سيظل يعاني من الفقر والبطاله والجوع و المرض والإفتقار للحد الادني لأساسيات الحياه وسيكتفي بدور المهلل أو المصفق في حين نري فئة محدودة جدا تحصد الغنائم وتفرد لها ساحات الشهره وتغترف الأموال اغترافا ،علي كل هو مجرد طرح ، وليست أمنيه حتي لا يتهمني البعض بعدم الوطنيه أو تزعمي لطابور خامس يعمل علي هدم المثل العليا للبرجوازيه الإنتشاميه الحره في المفهوم اللانهائي للانقسام التعاوني ، و أقسم بالله العظيم ثلاثا أني مصري وطني متعصب .

=================================

للوصول إلى رابط المقال مباشرة : اضغط هنا