29‏/12‏/2011

أيام سودة



أيام سودة

يراود الكثير من الناس اليوم أننا نعيش أياما صعبة بعد الثورة .. أو كما يسميها البعض (أيام سودة) و هناك الكثير من الأحداث الصعبة التي حدثت في 2011 و خصوصا بعد الثورة.. أحداث طائفية .. اضطرابات و عدم استقرار .. بعد ما كل الناس كانوا متفائلين و عندهم طاقة جبارة من الأمل في فبراير و ما بعده .. أخذت هذه الشعلة تخبو رويدا رويدا حتى أصبح لسان حال الكثير من الناس .. ليتها ما كانت ثورة.

عن نفسي .. أرى أن مصر تعيش أمجد و أروع أيام في تاريخها الحديث .. نعم .. و أنا أعني ذلك .. مصر تتغير أيها السادة ، و ما يحدث هو أعراض هذا التحول .. مثل السخونة الشديدة التي تصيب الجسم و هو يقاوم الميكروبات .. مثل آلام المخاض و الصراخ الذي يصاحب الولادة .. مصر تطرد خبثها .. ساذج من يتصور أن نظاما استبداديا استمر عشرات السنين سينهار في 18 يوما بالكلية .. النظام يحاول أن يعود ، و لكنه يحتضر ، فهو يدرك ذلك و يسابق الزمن حتى يمنع انهياره الحتمي .. يضرب هنا و هناك و يحاول بكل الوسائل أن يعيد عقارب الزمن.. لكن مصر تتغير.

مصر يا سادة تعيش فترة التحرر .. مصر جسد يحيى و يقاوم و ينتفض حتى يزيح ما تبقى من أدران الماضي .. الكتلة الثورية الرئيسية لازالت كما هي تقود الحركة للتخلص من بقايا النظام ، لازلنا نقدم شهداء فخورين بهم ، لازال من تبقى من النظام القديم يرتكبون نفس الأخطاء.. نحن نعيش لحظات النصر .. قتلوا مينا دانيال و عماد عفت و علاء عبد الهادي و محمد مصطفى فكتبوا في أروع صفحات التاريخ ، بكيناهم ، و لكن لم نتراجع ، بل ازددنا تصميما ، حرموا أحمد حرارة من ضوء عينيه ، فقال : تروح عيني و لا تنكسر .. حبسوا علاء عبد الفتاح ، فعزلهم و خرج هو ، عروا ست البنات و داسوا عليها فانكشفت سوءاتهم أمام العالم كله.

إن الصراخ دليل الحياة ، و الجسد الهامد لا يتحرك .. حركة الشارع دليل على حياته و مقاومته. أما بالنسبة للمتشائمين ، أدعوكم لمراجعة جملهم أيام الثورة ، ستجدون تطابقا غريبا بينها و بين جملهم الآن (وهذا لمعظمهم) .. المتشائمون هم هم .. المتشككون هم هم .. الثورة المضادة هي هي .. و لكن الثوار أيضا كما هم !

الأيام الماضية ، كانت مسيرات الثوار تجوب شوارع مصر ، و كان الشارع يتفرج علينا بذهول مثل أيام الثورة الأولى ، و كانت الروح عالية تذكرك بأول أيام الثورة ، و كذلك الإيمان و التصميم.

هناك تحديات ؟ نعم ! فنحن في حرب مفتوحة بين ماض يتشبث بكل شيء قديم ، و مستقبل يفرض نفسه .. و أكبر هذه التحديات هي من داخلنا ، لا يجب أن نفكر بعقلية ما قبل الثورة و إلا صرنا جزءا من نظام نريد أن نسقطه. لا ينبغي أن نقبل بحلول وسط أو أن نأخذ حريتنا بالتقسيط .. الثورة ستكتمل ، و حقوقنا ستنتزع كاملة غير منقوصة.

أنا لست متفائلا .. بل موقن .. ثقتي في النصر لا حدود لها..و ساعتها سنحتفل .. نحن و الخائفون ، و المتشككون ، و التابعون..