13‏/07‏/2008

رحمك الله يا د. المسيري


فقدت الأمة العربية والإسلامية الدكتور عبد الوهاب المسيري أحد المفكرين البارزين فى مجال الصراع العربي -الاسرائيلي عن عمر يناهز 70 عاما، وهو عضو مؤسس لحركة كفاية بعد معاناة مع مرض السرطان .
ومن أبرز إنجازات المسيري موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية والتى إستغرقت منه حوالي ربع قرن ونشرت تحت عنوان "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية: نموذج تفسيري جديد" وهي مكونة من ثمانية مجلدات عام 1999 .
وصدر له عدة مؤلفات في موضوع الصراع العربي -الاسرائيلي من أهمها البروتوكولات واليهودية والصهيونية عام 2003، في الخطاب والمصطلح الصهيوني .
و الدكتور عبد الوهاب المسيري هو أستاذ غير متفرغ بكلية البنات جامعة عين شمس ، ولد في دمنهور عام 1938 حيث تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي ..والتحق عام 1955 بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية وعين معيدا فيها عند تخرجه، وسافر إلى الولايات المتحدة عام 1963حيث حصل على درجة الماجستير عام 1964(من جامعة كولومبيا) ثم على درجة الدكتوراة عام 1969 من جامعة رَتْجَرز.
وعند عودته إلى مصر قام بالتدريس في جامعة عين شمس وفي عدة جامعات عربية من أهمها جامعة الملك سعود (1983 - 1988)،كما عمل أستاذا زائرا في أكاديمية ناصر العسكرية، وجامعة ماليزيا الإسلامية، وعضو مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام (1970 - 1975)، ومستشارا ثقافيا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك (1975 - 1979).
وهو عضو مجلس الأمناء لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية بليسبرج، بولاية فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ومستشار التحرير في عدد من الحوليات التي تصدر في ماليزيا وإيران والولايات المتحدة وانجلترا وفرنسا .
وقال مدير مستشفي "فلسطين" الدكتور حسام طوقان ان الدكتور المسيرى تدهورت حالته الصحية حيث يعاني منذ فترة من مرض السرطان ..فيما أشار أحد تلاميذه وهو الدكتور محمد هشام الي انه حدث تدهور فى حالة الدكتور المسيرى الصحية يوم "الجمعة" الماضى وأدخل إلي مستشفى فلسطين وتوفى ليلة الخميس.
ووصف الدكتور المسيرى بانه قيمة ثقافية عربية وإسلامية كبيرة ،حيث يعد احد المراجع الرئيسية فى الدراسات الصهيونية .
والدكتور المسيرى له إبن "ياسر" يعمل فى مجال الأعمال الحرة وابنة "نور" وهى صحفية بالاهرام ، وزوجته الدكتورة هدى حجازى الأستاذ فى كلية البنات عين شمس.
ومن أشهر مقولات المسيرى "إن الأيديولوجية الصهيونية أخفقت،ولم تعد مرجعية للاسرائيليين ،لأن أحد أهم بنودها كان يقوم على أن فلسطين أرض بلا شعب،فيما ثبت العكس..فهناك شعب ومقاومة،بل إن المقاومة أخذت تحسن نفسها كما وكيفا على مدى السنين، ،واستمرارها غير الكثير من المعادلات داخل المجتمع الصهيوني، وترك أعمق الآثار فيه .. وان الصهيونية ليست حركة يهودية، بل حركة استعمارية استيطانية إحتلالية".
وقدم الدكتور المسيري سيرته الفكرية في كتاب بعنوان رحلتي الفكريةفي البذور والجذور والثمر:سيرة غير ذاتية غير موضوعية عام 2001 ،حيث أعطي من خلاله صورة مفصلة عن كيف ولدت أفكاره وتكونت والمنهج التفسيري الذي يستخدمه، خاصة مفهوم النموذج المعرفي التفسيري. وفي نهاية "الرحلة" يعطي عرضًا لأهم أفكاره.
وسيصدر هذا العام كتاب من تحرير الأستاذة سوزان حرفي، الإعلامية المصرية، تحت عنوان حوارات مع الدكتور عبد الوهاب المسيرى، وهو يغطي كل الموضوعات التي تناولها الدكتور المسيرى في كتاباته ابتداءً من رؤيته في المجاز ونهاية التاريخ وانتهاءً بأفكاره عن الصهيونية.
وكانت أول كتب الدكتور المسيرى " نهاية التاريخ:مقدمة لدراسة بنية الفكر الصهيوني" عام 1972، وصدر بعدها موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية:رؤية نقدية عام 1975، كما صدر له عام 1981 كتاب من جزأين بعنوان "الأيديولوجية الصهيونية: دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة"عام 1981.
وفي هذه الفترة صدرت له عدة دراسات باللغة الإنجليزية من أهمها كتاب "أرض الوعد:نقد الصهيونية السياسية"عام 1977..وتحت الطبع كتابان الأول بعنوان "الفكر الصهيوني من هرتزل حتى الوقت الحاضر"،والثاني :بعنوان "من هم اليهود؟ وما هي اليهودية؟ أسئلة الهوية والأزمة الصهيونية".
وفي غير الموضوع الصهيوني للدكتور المسيرى مؤلفات واسهامات كبيرة فى مجالات شتى من بينها كتاب من جزئين بعنوان "إشكالية التحيز: رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد" عام 1993، و"العالم من منظور غربي" عام 2001، و"الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان" عام 2002، و"الحداثة وما بعد الحداثة" عام 2003، و"العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة"عام 2002، و"رؤية معرفية في الحداثة الغربية"عام 2006.
وينتظر صدور خلال هذا العام كتاب من عدة مجلدات يضم أعمال مؤتمر "حوار الحضارات والمسارات المتنوعة للمعرفة-المؤتمر الثاني للتحيز" الذي عقد في فبراير 2007 بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة.
وظل الموضوع الأدبي ضمن اهتمامات الدكتور المسيري في رحلته الفكرية، حيث صدر له كتاب "مختارات من الشعر الرومانتيكي الإنجليزي: بعض الدراسات التاريخية والنقدية" عام 1979 ، وعدة كتب بالعربية والإنجليزية في أدب المقاومة الفلسطينية، و"اللغة والمجاز بين التوحيد ووحدة الوجود"عام 2002.
وللدكتور المسيري ديوان شعر بعنوان "أغاني الخبرة والبراءة: سيرة شبه ذاتية شبه موضوعية" عام 2003..كما صدر له ديوان شعر وعدة قصص للأطفال..كما الف عام 2007 عدة كتب فى النقد الأدبى: "الملاح القديم" للشاعر صمويل تايلور كوليردج: طبعة مصورة مزدوجة اللغة (عربى-إنجليزى) مع دراسة نقدية، و"دراسات فى الشعر وفى الأدب والفكر".
ترجمت بعض أعمال الدكتور المسيري إلى الإنجليزية والفارسية والتركية والبرتغالية.. وسيصدر هذا العام ترجمة الفرنسية والإنجليزية لسيرته غير الذاتية وغير الموضوعية، رحلتي الفكرية..كما سيصدر كتاب باللغة العربية والإنجليزية والعبرية بعنوان دراسات في الصهيونية.
ونال الدكتور المسيرى عدة جوائز من بينها جائزة أحسن كتاب في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2000 عن موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، ثم عام 2001 عن كتاب رحلتي الفكرية، وجائزة العويس عام 2002 عن مجمل إنتاجه الفكري.
كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب لعام 2004.. ونال عدة جوائز محلية وعالمية عن قصصه وعن ديوان الشعر للأطفال.
وتزايد الاهتمام بأعمال الدكتور المسيرى فصدرت عدة دراسات عن أعماله، من أهمها: فى عالم عبد الوهاب المسيرى: كتاب حواري من جزأين عام 2004، وكتاب تكريمي بعنوان الأستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيرى في عيون أصدقائه ونقاده، ضمن سلسلة "علماء مكرمون" لدار الفكر بسوريا يضم أعمال مؤتمر "المسيرى: الرؤية والمنهج" الذي عقد في المجلس الأعلى للثقافة في فبراير 2007.
كما ظهر عدد خاص من مجلة أوراق فلسفية عام 2008 يضم دراسات العديد من العلماء والباحثين العرب في الجوانب المتعددة للدكتور عبد الوهاب المسيرى.
... مات الرجل ، و بقيت أعماله شاهدة عليه إلى يوم القيامة
رحمك الله يا أستاذنا الفاضل و أسكنك فسيح جناته.

ليست هناك تعليقات: