17‏/01‏/2011

على طريق ثورة تونس ....




...قامت الثورة الشعبية في تونس .. كانت مفاجئة ، و مبهرة بشكل لم يتوقعه كل المتفائلين .. لم يتوقع أحد أن يهرب هذا الطاغية الذي حكم البلاد بالحديد و النار ، حتى كان الشخص الذي يضيء مصباحه في بيته ليتوضأ لصلاة الفجر كان يساءل في الأمن البوليسي .. فكان الناس يتوضأون و يصلون في الظلام .. كانت الثورة سريعة .. في خلال أربعة أسابيع سقط طاغية حكم ثلاثة و عشرين عاما .. قامت الثورة فحركت مشاعرنا و أدمعت عيوننا و نحن نتفرج مفتوحي الفم على شيء أشبه بالمعجزة ، و على حلم كنا نظنه أسطورة فإذا هو حقيقة واقعة.


لا يعنيني حاليا ما قد يحدث بعد الثورة .. وما إذا كان الثورة ستكتمل أم سيتم الالتفاف حولها ، ما يعنيني هو كسر الحاجز النفسي ، ووجود النموذج الناجح الذي يجعلنا نقتدي و نحتذي به ، و نطبقه ... ما أريد أن أكتبه الآن هي خواطر و مشاهدات من الثورة التونسية المباركة.


• الخاطرة الأولى: لا توجد حرية دون تضحيات: لما ضربت الشرطة في المليان ، وسقط الشهداء .. هل توقفت الثورة ؟؟؟ هل كل واحد خاف على نفسه و أغلق عليه بابه ؟؟؟ استمرت الثورة رغم الشهداء و كانت الكلمة التي يرددها الكل " لن تذهب تضحيات هؤلاء و لا بوعزيزي سدى " و استمروا حتى حققوا الثورة بعد أن دفعوا الثمن من دمائهم مائة شهيد .. و ياله من ثمن قليل لحرية شعب بأكمله ، الثمن الآخر هو الفوضى الحادثة بعد الثورة و هي طبيعية ، و مهما كان الأمر .. وجع ساعة و لا كل ساعة.

• الخاطرة الثانية: يقول البعض .. لم تكن الثورة لتنجح النجاح السريع دون عصيان الجيش لأوامر بن علي .. وهذه حقيقة ، و لكن من رأيي أنها مسألة وقت و تحمل ... بمعنى أن الجيش لو كان أذعن لأوامر بن علي كان سيسقط المزيد من الشهداء ، و كانت ستتخضب الثورة بالكثير من الدماء ، و لكن لو ثبت الثوار في الأرض كانوا سيقطفون الثمار عاجلا أو آجلا ... لم يستطع أي جيش أو قوة في العالم أن تقمع أي شعب ثائر يصمم على مطالبه، المهم أن الشعب يصمم.


• الخاطرة الثالثة: لا يوجد ما يسمى ثورة خالية من العنف ، مفيش حاجة اسمها نروح بالورود للأمن و نهتف بقمصان بيضاء و أعلام براقة و نتوقع انهم سيصفقوا لنا و يعجبوا بالشياكة في التغيير ... الثورة تعب و ضرب و مواجهات ، و رشق لقوات الأمن بالحجارة و إشعال إطارات و حرائق ، كل ده مقبول في العرف الدولي و ينظر إليه المجتمع الدولي على أنه شكل من أشكال الانتفاضة مع عدم تكافوء القوى (بالضبط حدث في تونس و في فلسطين - الانتفاضة) .. يعني الميزان الإعلامي في صالح الثوار ، و مش عايز أسمع حد بيقول تخريب و الحفاظ على الممتلكات العامة ، و دي مش أخلاقنا و مش شكلنا ، كل ده كلام فاضي حقيقي ... الانتفاضة يعني مقاومة شعبية و مقاومة شوارع ... الاستثناء الوحيد هو الرصاص و العنف المسلح ، فهذا شيء آخر.


• الخاطرة الرابعة: من مميزات ثورة تونس العفوية ، و الفجائية ، و انه لم يكن لها رأس يضرب ، كانت ثورة بلا رأس و لا تخطيط و لا توجيه ، و كانت قصيرة إلى درجة أنها لم يوجد الوقت الكافي لبروز قيادات شعبية من شباب الثورة و في هذا خطر ، لأن نظام الحكم البائد لم يترك معارضة محترمة داخل البلاد إلا وقمعها ، و هو ما يهدد مستقبل الثورة و لهذا حديث آخر..


• الخاطرة الخامسة: أعداد الثوار لم تكن بالملايين كما يتصور البعض .. مثلا وقفة وزارة الداخلية الحاسمة يوم الجمعة الماضي على أقصى تقدير من 10 إلى 15 ألف.. المظاهرات في أي مدينة لم يزد العدد على 20-25 ألف في كل مظاهرة ، يعني الشعب كله ماطلعش ، جزء منه مصر و مصمم على المواجهة خرج و غير تاريخ البلد وسط تشجيع شعبي و إعلام شعبي مساند.


• الخاطرة الأخيرة: هناك الكثير من المعارضين ، و خصوصا من الذين يتبنون التغيير التدريجي (من الإخوان و غيرهم) يحاولون التقليل من هذا الإنجاز عبر التشكيك في جدوى الثورة (ايه يعني نغير الحكم لو الناس لم تتغير) ، أو التشكيك في الظروف المحيطة التي لن تتكرر ( لو لم يقف الجيش هذا الموقف لما حدثت الثورة – الشعب غير الشعب – التنفيس في البلاد الأخرى سيمنع الثورات ) ، أو الدعوة للتروي ( وفي داخلهم يتمنون فشل الثورة ) ، كل هذا الكلام ينبيء عن عقلية جامدة و عن فشل كبير يريدون أن يداروا عليه ، فبدلا من الاعتراف بالخطأ في التفكير و تغيير مواقف مبدئية في الطرح التغييري نجدهم يحاولون أن يداروا الشمس بغربال مهتريء و يظنونها حكمة و بعد نظر .. أفيقوا يرحمكم الله!!!


تبقى كلمة ، وهو أنني أتفاءل أن ما حدث يمكن أن يحدث في بلدي أو في أي من بلاد العرب و المسلمين ، و لكن في تصوري دورنا كوطنيين يتمثل في تعبئة الجو و شحنه مثل أن يفتح شخص أنبوبة الغاز في المكان ، و ينتظر أقل شرارة حتى يشتعل المكان ، و هي مسألة وقت فحسب ....
إذا الشعب يوما أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

الخواطر جيدة وأنا أؤيدهاكلية ولكن أعتقد أن حضرتك مش عايز تعترف بحقيقة واحدة عن مصر أو مش عايز تصدق ماقاله عمرو بن العاص
(نيلها عجب وأرضها لمن غلب)
مصر على مدار 70000سنة حضارة لم تقم بها ثورة شعبية غير مرة واحدة وكانت من أجل شخص ولم تكن من أجل أمة.

Matoussi Nadim يقول...

أخي تصحيحا لكلامك إجتمع 300 ألف تونسي أمام وزارة الداخلية يوم 14 جانفي

Matoussi Nadim يقول...

تصحيحا لكلامكم
إجتمع 300 ألف تونسي أمام وزارة الداخلية يوم 14 جانفي