19‏/06‏/2011

د. عبد المنعم أبو الفتوح.. و مرحلة جديدة من العمل الوطني


بالرغم من مفاجأة قرار مجلس شورى الجماعة بفصل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ( أو "زوال" عضويته كما جاء في بيان مجلس شورى الجماعة) فإن القرار نزل علي بشعور لا يوصف بالارتياح ، فإخراج الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من الجماعة يدشن لمرحلة جديدة من العمل الوطني للدكتور أبو الفتوح يتحرر فيها من أي انتماء حزبي ، و يقدم نفسه كرمز توافق وطني ، رمزا مصريا خالصا لكل المصريين.

د. أبو الفتوح عندما ترشح للرئاسة عن قناعة بما يحمله من فكر وسطي مستنير ، و متسلحا بخلق متسامح ، و حنكة سياسية تندر في أوساط الإسلاميين في هذه الأيام .. ترشح د. أبو الفتوح للرئاسة وهو يصف نفسه بالمرشح الوطني ، و كانت عبارة القيادي الإخواني لافتة أساسية و لازمة تعريفية له ، مما أوجد نوعا من الإرتباك و طرح العديد من التساؤلات عن قدرة أبو الفتوح أن يكون جسرا وطنيا يقرب بين القوى المختلفة و يساهم في تخفيف حالة الاستقطاب الحادثة في المجتمع، و يقدم لمصر نموذجا إسلاميا وسطيا يستوعب الآخر و يمثل الشريحة العظمى في مصر. كانت هذه التساؤلات لها ما يبررها مع احتفاظ الدكتور بمكانه التنظيمي في الجماعة ، والآن و بعد قرار مجلس شورى الجماعة بفصله، آن للدكتور أبو الفتوح أن ينطلق محلقا ، دون أن يستهلك وقته و جهده في الدفاع عن أخطاء بعض المنتسبين للجماعة أو تبرير بعض المواقف هنا و هناك.

إنني أزعم أن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح تتوفر له الآن فرصة تاريخية لقيادة إعادة تشكيل التيار الوطني الوسطي ، و إطلاق مبادرته كمستقل فعلي لتيار وطني سياسي اجتماعي ، يستلهم قيم الإسلام السمح الصحيح ، و يقوم على جهود شباب متفتح وواع ، يلتحم بالجماهير ، و يقود الطبقة المتدينة المتوسطة إلى عمل سياسي منظم يغير وجه مصر. ان قامة و قيمة كبيرة مثل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لهي قادرة على تجميع هذا التيار الوطني التوافقي و دمجه في عمل منظم واع ، و إن كوكبة الشباب المخلص للفكرة ، المنفتح ، المبدع سيكون هو الدافع الرئيسي خلف هذه الحركة الفاعلة التي لو قامت فستغير الكثير من المعادلات.

إنني أدعو الدكتور أبو الفتوح إلى طي صفحة الماضي بكفاحه و جهاده و آماله و آلامه ، و أن يقضي ما تبقى في حياته المديدة إن شاء الله في تكوين و دعم هذه الحركة الجديدة ، و أن يجعل حملة الرئاسة البداية الحقيقية و ليست النهاية ، و أيا كانت نتيجة هذه الحملة فستكون البداية لهذا التجمع المبارك الذي سيجمع كل الوسطيين و يساهم في ازالة الاستقطاب الحادث في هذا البلد.

إن كانت نظرية التيار الرئيسي المصري الفكرية قد ظهرت للنور منذ أسابيع على يد د. مصطفى حجازي و د. هبة رؤوف عزت و د. معتز عبد الفتاح و غيرهم كثير ، و إن كان المفكر العظيم المستشار طارق البشري قد كتب عن هذا التيار ، فإن أمام د. أبو الفتوح فرصة ليقوم بتكوين التجسيد العملي و السياسي لهذا التيار على الأرض.

و كلمة أخيرة للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ، إن كان مجلس شورى الإخوان قد قرر "زوال" عضويتك بالجماعة ، فإن تاريخك و ما قدمت و بذلت في سبيل الله ، و عطاءك و إنكارك لذاتك طوال أربعين عاما و فكرك المستنير الذي سبقت به الكثيرين ، إن كل هذا بالإضافة إلى عطائك المستقبلي إن شاء الله يجعل فكرك و رسالتك إلى بقاء و اسستمرار ، و ليست إلى زوال.

م. أحمد أسامة

ليست هناك تعليقات: