31‏/07‏/2011

حركة 6 إبريل



يوم 26 يناير .. كانت هناك مظاهرات صغيرة تجوب كل شوارع وسط البلد .. و كانت أشبه بحرب الشوارع و كر و فر بين المتظاهرين و الأمن المركزي الذي حاول عبثا أن يقضي على هذه التظاهرات ، فلم يستطع. كنت مع صديق لي في هذه الشوارع ، نبحث عن الناس ، نخرج و نهتف معهم ، ثم تفرقنا العصا الأمنية ، لنذوب في الشوارع وسط الناس ، و نعود فنتجمع على غير موعد أو مكان.

في أحد هذه المظاهرات ، بدأنا من شارع عماد الدين ، و اخترقنا كل الشارع مرورا بشارع الجمهورية إلى شارع نجيب الريحاني .. و هنا باغتتنا قوة من الأمن المركزي مع السيارة المدرعة اياها التي حاولت دهسنا جميعا ، و خلفها جنود الأمن المركزي الذين حاصرونا ، و بدأت عمليات الضرب و الاعتقال، لجأنا إلى أحد البنايات في الشارع و اختبأنا في ورشة صناعة أحذية بسيطة (جزمجي) في الدور الثاني من البناية ، و بعد أن التقطنا أنفاسنا ، قمنا بالتعرف على بعضنا البعض ، كان في هذه الورشة شباب يمثلون أطياف مصر .. إسلامي و قومي و ليبرالي ، و غير مسيس ، و كان منهم 3 شباب عرفونا بأنهم من 6 إبريل ، أذكر فيهم كريم (و لا أذكر اسمه الثاني). تحدثنا لمدة ساعتين و نحن مختبئون من الأمن المسعور الذي كان يمشط الشارع بحثا عن المتظاهرين. عايشت و لمست الوطنية الصادقة في ظروف غير اعتيادية ، و رأيت دموعا تسكب على حال هذا البلد ، و رأيت إشفاقا منهم من ضياع هذه الفرصة التي لو ضاعت ، لن تأت فرصة أخرى.

أقول هذا الكلام بمناسبة اتهامات المجلس العسكري لهذه الحركة الوطنية ، التي ما عرفناها إلا متقدمة لصفوف مقاومة الظلم و الفساد ، كان شباب 6 إبريل قبل الثورة بأعوام، مع حركة كفاية ينزلون إلى الشوارع بأعداد قليلة ، يقاومون الظلم و الفساد و إهدار حقوق الإنسان في شجاعة نادرة يحسدون عليها ، و كنت أراقبهم بمزيج من الدهشة و الإعجاب و الإشفاق ، كانت أعدادهم بالعشرات ، و أعداد قامعيهم بالمئات و الألوف و تنتهي غالبية تظاهراتهم بالضرب و الاعتقال ، و لكنهم لا يلبثوا أن يعودوا ثانية. لم أكن أدري أن هذا العدد القليل يقوم بكسر حاجز الخوف في نفوسنا يوما بعد يوم ، و شهرا بعد شهر ، و ما اعتبره الكثيرون شجاعة رعناء لن تؤدي إلى شيء ، كان هو بذر لبذور الحرية و تهيئة لأعظم حدث في تاريخ مصر.

من الوارد أن يكون هناك شخص أو أكثر في هذه الحركة الشبابية أخطأ أو تورط فيما لا يجب ، و هذا مكانه النيابة ، و ليس استخدام و سائل الإعلام و سحب ذلك على الحركة كلها ، و إلقاء اتهامات رعناء بلا دليل واحد يحترم. إن المجلس العسكري يذكرنا بتعامل النظام القديم الذي ثرنا عليه ، و يدير حملة تشويه على حركة من نسيج الحركات الوطنية ليفرق الشمل الوطني ، و يكسر شوكة الثورة.

و للأسف الشديد أرى شبابا وطنيا يتبنى هذه الاتهامات و يصدقها و يسوق لها ، لمجرد اختلاف أيدولوجي بينه و بين الحركة ، و هو بذلك ينفذ مخطط خبيث دون أن يدري لتفريقنا و الوقيعة فيما بيننا ، و يكرر ما كان هو يعاني منه أيام النظام السابق من تشويه و تخوين، و الذي يجب أن يعلمه هؤلاء أن شباب و بنات 6 إبريل هم إخواتنا ، حتة مننا ، و جزء من روح هذه الثورة و تاريخها و حاضرها و مستقبلها ، لا يمكن أن ينتزع أو أن يشطب بكلمة من العسكر.

المطلوب منا كثوار أن نقف صفا واحدا مع حركة 6 إبريل ضد مخطط التشويه و الاستهداف الذي تتعرض له ، لأن 6 إبريل في مجملها حركة وطنية لها في هذا الوطن علامات لا تنكر ، و راجعوا تاريخها و تضحيتها ، و لا ننس هنا " أكلت يوم أكل الثور الأبيض" .

ليست هناك تعليقات: